الثلاثاء، 3 يوليو 2012



أميركا تصرف علينة ؟
الجزء الاول
ميادة العسكري
عندما نقوم ببناء قصر على دجلة لكي تجلس المسعدة التي سيصبح بيتها على الشط ومن امام بيتها يسبح البط .. لا بد ان نضع نصب اعيننا بان مثل هذا القصر سيتطلب امورا كثيرة ..من صيانة سنوية تتضمن اعمال صيانة مختلفة لان قصور الشط  تتعرض لرطوبة الماء .. هذا بالاضافة الى جيش صغير من الخدم .. فمن يبني قصرا لابد ان يتوقع ضيوفا .. والضيوف بحاجة الى ضيافة وامراة واحدة لا تكفي لهذا الغرض ..فلا بد لام مثل هذا البيت من اعون وربما جيش صغير مساند ..
**
قصور الامس كانت بسيطة .. ابسط من قصور اليوم بكثير .. ومع ذلك كانت بحاجة الى قيام اعداد من البشر بها .. فمن منكم سمع بقصر بدون اشخاص يساعدون اهل البيت او القصر في ادامة المنزل؟
**
هذا ما تبادر الى ذهني بالضبط عندما قرات مقال احد الكتاب الامريكان في صحيفة واشنطن بوست الأميركية نقلا عن معلومات نشرت مؤخرا، من إن وزارة الخارجية الأميركية تخطط لإنفاق 115 مليون دولار لتحديث وتطوير السفارة الأميركية في العراق التي وصفها الكاتب بأنها الأكبر والأكثر كلفة بين السفارات الأميركية في العالم.
الامريكان مستاؤون من تغطية هذه الاموال من الضرائب التي يدفعونها في هذه الظروف العالمية الاقتصادية السيئة  والكونغرس ليس بسعيد والكل قد ابدى تحفظ كبير ازاء هذه الصرفيات ..
**
ترى من الذي ضربهم على ايديهم وقال لهم ان يبنوا هذا الوحش الكاسر الذي يحتاج الى اموال طائلة للصيانة ..
الم يكن الغرض من بناء هذه السفارة بعينها لتبيان مدى عمق العلاقة بين البلدين ومنارة اشعاع لمشروع الشرق الاوسط لسائر دول بني العرب؟
كان فعل ماضي ناقص .. وما كان بالامس – على ما يبدو- قد سقط واندثر .. ولم ينتج عنه الا ربيع عربي لم تفلت من قبضته سوى تونس التي لولا فقرها المدقع ولولا ابتعادها عن اي مركز ستراتيجي يعول عليه .. لرأيناها هي الاخرى على كف عفريت .. مثل ليبيا وسوريا واليمن ومصر (مهما كانت صور من ذكرت مشرقة )
نعم كان الغرض من بناء هذه القلعة الحصينة مزيج من ضرورة لوجستية انتفت الحاجة اليها بعد فشل التجربة العراقية وسائر التجارب في المنطقة .. وعملية استعراض عضلات صداقة فترت حدتها وحرارتها بعد انسحاب الجيش الامريكي من العراق ..
**
في سلسلة من مقالات سابقة لي باسم (قلعة الضباع) تحدثت بصورة مسهبة عن السفارة الامريكية في بغداد وهذا جزء صغير من تلك الثلاثية :
ترى، لو بنوا مكان هذه السفارة مدينة على مشارف موزمبيق او الربع الخالي هدفها اصلاح النفوس، وقبضوا على كل عراقي منحرف اليوم يخطف ويقتل وارسلوه لاعادة التاهيل كما يحصل مع الاكياس البلاستيكية والنعلان والامور الاخرى ..... اما كان ذلك اجدر
السفارة الامريكية، مركز لا بد منه لادارة الشرق الاوسط الديموقراطي مستقبلا من دار سلام الكرة الارضية.
شكلها؟ ليس له مثيل، ليس روعة وجمالا، ولكن بسبب اتساعها والغرض الذي اعدت من اجله. فهذه هي المرة الاولى في تاريخ الولايات المتحدة يكون فيها هدف انشاء سفارة من سفاراتها لغرض ادارة منطقة برمتها كالشرق الاوسط من على اعتابها وداخل اروقتها.
تقول التقارير الخاصة بالكونغرس ولجانه بان السفارة الامريكية في بغداد هي اكبر واغلى سفارة في العالم. هذا المجمع محاط بجدران تمتد بمساحة مدينة الفاتيكان، وتشتمل على 21 بنايةَ محصنة مبنية على ارض مساحتها 104 هكتار (الهكتار =10000 متر) بمحاذاة نهر دجلةَ. وبالاضافة الى إمتدادِها في المنطقةِ الخضراءِ، تستطيل نحو طريق المطار. كلفة بناء السفارة الجديدةِ تبلغ 1.2$ مليار دولار امريكي وهو ثمن يعتبره البعض باهضا، ولكن ليس بالمعايير المسرفة للحرب في العراق (ذكر لي الجنرال ديفيد بترايوس في مقابلة صحفية معه بان الحرب في العراق كلفت الى اليوم مبلغ 700 مليار دولار وكان ذلك عام 2007) .
التصميم الهندسي للمكان هو لشركة معمارية في كانساس ستي اسمها "بيرغر ديفاين ياغر"، والتي أغضبتْ وزارة الخارجيةَ الامريكية بنشرها مخططات ورسوم السفارة على الإنترنت. الا ان الشركة ردت على الانتقادات بقولها ان برنامج "غوغل الارض" يعرض مناظر اوضح لكل انحاء العراق حيث انه يعرض مقاييس دقيقة واحداثيات جغرافية أيضاً..

البناء مَضى ضمن الميزانيةِ وفي الوقت المناسب. وهذا مدعاة للفخر بالنسبة لوزارة الخارجية الامريكية، فعلى الاقل استطاع "الربع" هناك أن ينجزوا شيء واحد طبقا للاجندة الموضوعة من قبلهم . اما المقاولَ الأساسيَ فالكل يعلم بان الشركة الكويتية الاولى للمقاولات والتجارة العامة هي المسؤولة عن البناء، والتي لأسباب أمنية لَمْ تُسْمَح بإسْتِخْدام عُمّالِ عراقيين، وبدلاً مِن ذلك إستوردت أكثر مِنْ ألف عامل مِنْ بلدان مثل بانغلادش والنيبال (العراقي كخ، لا يعرف الا بناء قصور لصدام، بينما البنغالي والنيبالي يتحلى بحس امني عالي !!!!). تعتبر مسالة إستيراد عمال من العالم الثالث مسألة اعتيادية في العراق (على الرغم من ان اولادنا يتجهون للعصابات والاجرام بسبب البطالة- عادي!!!
تبقى تفاصيل البناء سرية، لكن الأساسيات معروفة. يبلغ ارتفاع الجدران المحيطة تسعة اقدام على الاقل وتصْنع من الإسمنت المسلح وتكون قوية بما فيه كفاية لتحويل اتجاه انفجارات الهاونات والصواريخ والسيارات المفخّخة التي قَدْ تُفجّر في الخارج. من المفترض ان تكون الجدران مَحْرُوسة بالأبراج المُحَصَّنة وبعيدة عن الاسلاك المحيطة بمناطق ممنوع فيها ضرب النار. هنالك خمس بوابات دخول محمية، يبقى اغلبها مغلقا وهناك أيضاً باب خاصّة للطوارئ، من اجل حالات الطوارئ ..وفي داخل المجمع او قريب منه جدا، هناك مهبط لطائرات الهليكوبتر لخِدْمَة السفير والمسؤولين الكبار الآخرين اثناء تنقلاتهم من اجل اعمالهم المهمة.
المجمع مكتف ذاتياً بشكل كبير ويَحتوي موّلداته الكهربائية الخاصة واسالة ماء خاصة به ومحطات تحلية المياه الصالحة للشرب وشبكة مجاري خاصة ومركز إطفاء حرائق ونظام رَيِّ وشبكة إنترنت وشبكة اتصالات خارجية امينة وبدالة هاتف (رمز منطقة فرجينيا) وشبكة هاتف خلوي (رمز منطقة نيويورك) وخدمة بريد ومستودع وقود ومخازن التجهيز والغذاء ومرآب تصليحِ العربات، وورشات مختلفة. وفي وسط المجمع تقع السفارةَ نفسها والسفارة بناء هائل على طراز امريكي حديث بنوافذ صغيرة ونظام تكييف وتصفية هواء مضغوط ضدّ الهجماتِ الكيميائية والبيولوجية ومكاتب كافية لمِئاتِ الموظّفين. وقد اعطي السفير ونائب السفير مساكنَ مُحَصَّنةَ كبيرةَ يمكن ان تقام فيها حفلات الاستقبال الدبلوماسية حتى لوكانت مهددة بسقوط قذائف الهاون من الاعلى وتوجد في السفارة الجديدة ساحاتُ تنس ومسابح خارجية وداخلية ومركز إستجمامِ مقاوم للقنابل ومركز لياقة مُجَهَّز بشكل جيد. ويوجد مخزن كبير بأسعار منافسة، حيث بامكان السكّان (بالترافلنغ كردت كاردز) أَنْ يَصْرفوا بعض مخصصات خطورة العمل الإضافية هناك. كما يوجد مركز إجتماعي وصالون تجميل وقاعة سينما ونادي أمريكي يقدم فيه الكحول. وكذلك توجد قاعة طعام يتناول فيها عمال العالم الثالث طعام متعدد الخيارات ليرضي كل الاذواق، فالغذاء مجّاني وهناك الوجبات الخفيفة الجاهزة والفواكه الطازجة والخضار والسوشي والطعام الخاص قليل السعرات والسندويتشات والسلطات والهامبرغر واكلات المطابخ العالمية والآيس كريم وفطائر التفاح (آبل باي طبعا ).. وعندما ينقص تجهيز اللبن على سبيل المثال، تدخل مطابخ السفارة في حالة الانذار ج ليتهيا للناظر بان طهران ستقصف من على ضفاف دجلة.

يتبع  
All women are created equal
Then some become Marines (Big Smile :)))))))



الأحد، 1 يوليو 2012






ان كنا نخوض في السراب 
وكل ما بنيناه كان قصور من رمال 
فلم الالم لا يزال ها هنا في نفسي
بعد ان اقتلعت العاصفة كل شيء 
وحولت الكون الى محض رماد