السبت، 12 يناير 2013


الخروج من عنق الزجاجة 

ميادة العسكري 

الامريكان ليسوا في ظهرانينا كي نلقي اللوم عليهم
والقاعدة مشغولة في سوريا تعمل ما كان النظام السوري يدفعها لفعله في العراق مع بداية سقوط الطاغية والبعث عندنا
اذن .. على من تقع الملامة اليوم في هذه الازمات السياسية المتلاحقة .. ام اننا غير قادرين على التعايش معا كأمة عراقية واحدة – كما كان يطلق على العراق من تسمية ابان مطلع القرن الماضي مع تاسيس العراق الحديث-
وماذا يقصد السياسيين في العراق عندما يقولون بضرورة اعتماد الدستور للخروج من الازمة السياسية التي تعيشها البلاد؟
الحل على ما يبدو يكمن في تأسيس فيدراليات .. نوع من التقسيم العراقي الخاص على شاكلة (هذا الك وهذا الي) لاننا على ما يبدو غير قادرين على التعايش فيما بيننا ابدا
ولان الانسان وحقن دمه غاية عليا لدى الجميع .. فلم لا يجلس الجميع على طاولة التفاهم وليكون للجميع ما صار للاكراد ..
·        اقليم للاكراد قام عليه الدستور العراقي مع نهايات وجود الحاكم الامريكي بول بريمر في العراق .. اذ الغيت معظم بنود الدستور المؤقت المعدل لعام 1970عدى الفقرات المتعلقة بالاقليم الذي كان البعث وصدام والبكر قد قرروه للاكراد في وقتها (هذا الكلام واقعي وليس كفرا ويمكن لاي مشكك ان يعود الى بنود الدستور العراقي القديم للتأكد من الموضوع)
·         ذكر الدكتور سعد ناجي جواد والسيدة سوسن العساف في دراسة لهما عن الدستور العراقي والفيدرالية العراقيى انه في عام 2004 اعلن بريمر قانون إدارة الدولة المؤقت كبديل للدستور وكان يرأس ما عُرِف بسلطة التحالف المؤقتة التي تولّت حكم العراق منذ الاحتلال وعينت ما عُرِف بمجلس الحكم الانتقالي، المكون من 25 شخصية عراقية، تم اختيارهم حسب محاصصات عرقية ومذهبية طائفية وبموجب هذا القانون، أُعلنت المحافظات الكردية الثلاثة في شمال العراق ككتلة سياسية وإدارية واحدة لا يجوز المساس بها. ثم أقر القانون نفسه مبدأ الفيدرالية كأساس لشكل الدولة العراقية الجديدة كما ألزم مشرعي الدستور الدائم القادم بتثبيت هذا المبدأ. بالإضافة إلى مواد أخرى تمنح سلطات الإقليم صلاحيات واسعة تتجاوز سلطات السلطة المركزية، مع حق الإقليم بالمطالبة بما أسماه القانون بالمناطق المتنازع عليها من غير أن يسميها ليجعل منها أساسًا لخلافات دائمة لا تنتهي.
·        كل هذه الامور تثير حفيظتنا وتجعلنا نريد ان ننفث النار غضبا ولكن يبقى السؤال .. ان كانت كل هذه المحافظات غير قادرة على العيش مع بعضها البعض بدون الدخول في مشاحنات دموية او تكاد .. اليس من الافضل الاتجاه الى الفيدراليات والعيش بأمان وسلام فيما بيننا نحن العراقيين؟
**
سوف تستمر المطالبات بانشاء الفيدراليات – الاقاليم العراقية- لان المادة التي تسمح بذلك واضحة في الدستور ولا يمكن مناقشتها .. فهي جاهزة لكل من يريد ان يسير بها على درب الاقليم الكردي كنموذج.
الحكومة لا تحبذ هذا الدرب وهذا الامر مفهوم ومبرر تماما .. فلا حكومة على وجه الارض تحبذ التشرذم .. ولكن ما العمل ان كان الناس لا يطيقون اخوانهم بغضا وكراهية ؟
ما العمل ان كانت الرمادي وتكريت وغيرها تعتبر نفسها مظلومة وتريد احقاق الحق بيدها؟
وما العمل ان كان شبح الحرب الطائفية او شبح صولة جيش اخرى يلوح في الافق وينذر بسفك دماء جديدة؟
الدستور واضح وجلي .. والمادة (119) والمواد الأخرى الواردة في الباب الخامس (سلطات الأقاليم المواد 116–121)، والتي تعطي الحق لأية محافظة بإنشاء إقليم لا يمكن ان نغض النظر عنها ونحن اللذين صوتنا على الدستور ووافقنا عليه ...
صدق من قال بان المحافظات المطالِبة بالتحول إلى إقليم ستستمر في إظهار التمرد على سلطات رئيس الوزراء، الحالي أو أي رئيس وزراء قادم، في هذا المجال والاستمرار بإثارة المطالبة بين الآونة والأخرى، ويمثلها في ذلك سياسيون معارضون لسلطات رئيس الوزراء ويرغبون في إجباره على تقديم تنازلات لهم ولقوائمهم أو ائتلافاتهم.
وستستمر البلاد في ازمتها السياسية الخانقة ما لم يتم التفاهم على هذه القضية بالذات التي اوصلتنا الى عنق الزجاجة
وقد قالها المصريين قبلنا في اغانيهم.. (شيل دة من دة يرتاح دة عن دة)

الأربعاء، 2 يناير 2013








الاعظمية 



حسن العلوي 



في الخمسينيات بدأت اقارن بين كرادة مريم وبين الاعظمية . في كرادة مريم كنا نرى السافرات من المسيحيات واليهوديات. أما

 الاعظمية فكانت سافرة وكنا نرى المجتمع المختلط، فيما الكرادة اقرب الى المجتمع الفلاحي. وانت تشاهد درجة التطور الاجتماعي تستغرب كيف لمدينة مثل مدينة الاعظمية تقوم على اساس ديني او هي مركز ديني تقوم بمهمة التطوير الحضاري وتصبح المدينة العصرية الاولى في العراق. ليس هناك مدينة اجمل من الاعظمية ولم تظهر مدينة في العراق اجمل من الاعظمية في الخمسينيات والى السنوات الاخيرة التي عبثت بها يد السلطة بالشكل الذي عبثت فيه ببقية مدن العراق وضربت معمارها وتقاليدها الاجتماعية.
والاعظمية لمن لم يعرف تاريخها لم تكن سوى قرية مهجورة حتى الثلاثينيات. وتأسيسها كما هو معروف يرتبط كما ترتبط مدن اخرى بالأضرحة، فتحولت من ضريح الى مدينة، النجف ضريح تحول الى مدينة وكربلاء والكاظمية كذلك. الاعظمية كانت تسمى مقبرة الخيزران وهي مقبرة عامة الناس في العصر العباسي ، وابو جعفر المنصور بسبب ارستقراطيته قرر بعد ان بنى بغداد ان يؤسس مقبرة خاصة لابناء قريش يدفن فيها العلوي والعباسي والاموي اذا كان موجودا ، اي قريش فقط ، واختيرت منطقة غربي بغداد وغربي دجلة وسميت مدافن قريش. والعجيب انه توفي جعفر ابنه ودفن فيها. بعد وقت توفي الامام موسى ابن جعفر وهو من سادة قريش ودفن فيها ثم دفن فيها حفيده الامام محمد الجواد وسميت بالكاظمية .
ولما توفي الامام ابو حنيفة سنة 150 للهجرة ، وهي السنة التي توفي فيها ابو جعفر المنصور، لم يدفن فيها لانه لم يكن قريشيا و دفن في مقابر الخيزران بينما دفن الامام الكاظم في مقابر قريش، ومقابر الخيزران سميت بهذا الاسم لانه يظهر انه على ساحل دجلة كان يظهر فيها خيزران. ابو حنيفة عاش مع عامة الناس ومات بين الناس وفي مقبرة الناس. وهذا الرجل مظلوم شأنه شأن الشيخ عبد القادر الكيلاني. انا درست ابو حنيفة دراسة عميقة وعندي فصل مستقل في كتابي الذي لا اعتقد أنه سيرى النور الا بعد موتي، اسمه (الفتوح الضيائية).
ابو حنيفة كان سند الثورات العلوية والثورات الزيدية. وهو على ما هو عليه من العلم كان يعيش من دكان لبيع القماش وكان عنده صندوق خاص للتبرع للثورات الزيدية التي يقوم بها ابناء زيد. وكان الامام الصادق قد نهج نهجا سلميا ، فأئمة الشيعة رفضوا الكفاح المسلح او الحل الثوري وبدأوا بمسألة الارشاد والتثقيف والتعليم وبناء المذهب والحفاظ على البقية الباقية من اهل البيت بينما ظلت الزيدية تعتمد على الكفاح المسلح. و ابو حنيفة كان الفقيه الثوري الذي يساند الحركات المسلحة ضد الدولة العباسية وكان يعتبر الدولة العباسية غصيبة ولم يوافق ان يشغل منصبا مهما كان حتى منصب قاضي القضاة الذي كلفه به ابو جعفر المنصور، وجلد الرجل ثم توفي بعد جلده فمات شهيدا .
جاء احد اشقاء شخص قتل في ثورة من ثورات الزيدية ليعاتب ابو حنيفة . فقال ان الفتوى التي اصدرتها في المعركة الفلانية مع فلان هي السبب في قتل اخي، فأجاب ابو حنيفة ان قتل اخيك حيث قتل يساوي قتله في بدر، وهذه الثورة إنما هي ثورة محمدية ضد الجاهلية. هذه الكلمات لم تصدر من إمام آخر حتى من أئمة العلويين لكنها صدرت من ابو حنيفة .
والى جانب ذلك كان جانب التسامح في شخصية ابو حنيفة، هل كان تسامح ابو حنيفة هو السبب في خلق مدينة مثل الاعظمية متسامحة ومتفاهمة مع العصر ومع الحداثة؟ طبيعي الأمور تغيرت الآن للأسف عما كانت عليه.