الاثنين، 27 أغسطس 2012


عندما نترك اثار اقدام غير خضراء مليئة بثاني اوكسيد الكربون على وجه كوكبنا اليوم نصبح مجرمين في حق الجميع 

السياسة تملأ براميل النفط
تحت المجهر
اكسون موبيل مرة اخرى
ميادة العسكري

لدينا مثل عراقي معروف مفاده بالعامية (اللي ما يدندل زمبيله محد يعبيله) اي ان لا احد سيجروء على تخطي حدود غير مسموحة قانونا .. الا اذا كانت هناك جهة ما مستعدة ان تلعب معك وتفتح لك الابواب الموصدة والممنوعة
اكسون موبيل شركة نفط .. ومن اجل الحصول على النفط نجد حكومات وشركات مستعدة ان تخوض في مجاري الدول وان تخرج رأسها من ماء المستنقع لتقول "هل من مزيد" .. فلعبة الحصول على النفط قد تربط بشرايين الدم وباقذر الوسائل .. ولو لم تكن جهاتنا العراقية – بعضها- قد مدت يدها لتتعاقد من اكسون موبيل لما تجرأت اكسون موبيل في ان تتقدم خطوة واحدة نحو هذا الهدف او ذاك .. انه رأي اسوقه بعد ان قرأت الكثير عن هذه الشركة .. ليس لشيء سوى حقيقة ان الكثير من مشاكلنا السياسية اليوم مردها –ظاهرا- الى انعدام قانون للنفط والغاز يعالج كل الخروقات التي تتم على الساحة العراقية بمجملها .. واقول ظاهرا لاننا نعلم ان التوافق السياسي لن يتم في العراق طالما ان الكتل والمجموعات والاقاليم تتصرف وكأن واحدتها عدوة للاخرى وتطلبها بثأر دم عمره قرون طويلة ..
ما علينا .. فموضوعنا اليوم هو اكسون موبيل تحت المجهر

في عام 1999 اندمجت شركة اكسون وشركة موبيل وولدت شركة بعائدات تضع الشركة على الرقم 21 لو ان عائداتها كانت تقدر بالناتج المحلي الاجمالي .. او بكلمات اخرى ان عائداتها مهولة على سلم عائدات حتى الدول عالميا .. وهذا هو سبب سؤالي الاول حول ما اذا كانت اكسون موبيل مدعومة حكوميا ام لا ..
وكما رأينا في العراق فان هذه الشركة تدخل من خلال السياسات "غير النظيفة" في الدول التي تنقب فيها وتستخرج منها النفط والغاز.
اما رئيس الشركة الى عام 2005 فيدعى - لي (ذو المؤخرة الحديدية) رايموند- وهو من المشككين بالتغيير الحراري الذي يجتاح العالم اليوم وصديق لديك تشيني (اي انه ضد اي اجراء باتجاه تخفيض انبعاث غاز ثاني اوكسيد الكربون وارتفاع درجة حرارة الكرة الارضية)
معظم الاسئلة التي كانت تدور في ذهني حول اكسون موبيل وجدت اجوبتها في كتاب ستيف كول الموسوم الامبراطورية الخاصة
- وقبل ان اطرح اسئلتي واجيب عليها من صفحات كول .. لا بد من الاشارة الى ان الكاتب كول كان مدير التحرير في جريدة الواشنطن بوست الامريكية واسعة الانتشار وهو اليوم يكتب في مجلة النيويوركر التي تعتبر اشهر من نار على علم وهو رئيس الجمعية الامريكية الجديدة (مجمع بحثي للدراسات والاستشارات السياسية- اما كتابيه الاخيرين فقد اشبعا موضوع علاقة وكالة المخابرات الامريكية بعائلة اسامة بن لادن دراسة وبحثا وتنقيبا ..
اما في كتابه الحالي (الامبراطورية الخاصة ) فقد اتبع الكاتب نفس اسلوب البحث والتنقيب والاستقصاء والسؤال  عن موضوع شائك ومثير للجدل هو شركة اكسون موبيل وعقودها واريخها وامور كثيرة تخص بنيتها ..

يقول الكاتب ان الشركة من الشركات الكبيرة الخارقة في تقدمها على الاخرين وهي الاكبر والاكثر ربحية كما اسلفنا ما بين شركات النفط الغربية والشركات الامريكية قاطبة وليس النفطية فحسب.
ولكن لغرض ان نفهم اكسون موبيل يجب ان نفهم محدودياتها وحدودها التي لا يسمح لها بتخطيها ..
بدأ عالم الصناعة النفطية بالتغير خلال خمسينات القرن العشرين. ومعها بدأت الديموقراطيات الثرية تبحث عن مصادر جديدة للنفط .. وعندها بدأت حكومات الدول الاكثر فقرا والتي تمتلك النفط بوضع قوانين تحدد كيفية وكمية استخراج النفط وبالتالي بدات باجراءات تشبه تأميم النفط. عندها وجدت الشركات الغربية نفسها غير مرحب بها او ان فتحت امامها الابواب فتحت مع شروط وقوانين تضيق الخناق حول حركتها وحرية عملها في هذه البقعة او تلك .. ببساطة تامة لم تعد الدول المنتجة للنفط ساذجة الى الحد الذي تسلم به ثرواتها النفطية لاي جهة كانت بدون وضع الشروط والقوانين وبدون عائد مادي مجز..
وهكذا .. اصبح هم الشركات من مثيلات اكسون موبايل ان لا يقل عندها مخزون النفط لان سوق المتوفر من النفط لم يعد متاحا وفي متناول اليد كالسابق ..

لقد ادت الحاجة الى ان تبقى براميل اكسون موبيل النفطية ممتلئة  بهذه الشركة الى ان تصبح هي مادة بحثية لدى المستر كول كاتب كتاب الامبراطورية .. وكثيرا ما وجدت نفسها في خضم نزاعات محلية – كما حصل للشركة في العراق عندما داست على الخطوط كلها وتخطت الدستور العراقي لتوقع عقود محظورة قانونا مع حكومة اقليم كردستان ..
وعلى ما يبدو فان اكسون موبيل قد تدخلت ايضا ما بين الحكومة الاندنوسية واقليم اتشي الانفصالي..وفي خليج غينيا المكتظ بعمليات الاختطاف والقرصنة وفي منتصف قلب افريقيا في جنوبي تشاد.
وكثير ما كان المناهضين لمثل شركة اكسون موبيل متعددة الجنسيات يصفونها بانها تضع الدول الفقيرة في زوايا حرجة وتضغط عليها.
ولكن .. في كل من هذه الحالات نجد ان نفوذ اكسون موبايل يتم تحديده بالضبط كما حصل في العراق .. فقد اغلقت مؤقتا ابار الغاز في اتشي لكي تبتعد اكسون موبيل عن ساحة الحرب هناك ..فالحكومة الامريكية انتقدت الشركة النفطية بسبب قربها من الجيش الاندنوسي الذي كان يعذب ويقتل ابناء الشعب هناك ..
وقررت اكسون موبيل ان تنقب عن النفط في تشاد المدقعة الفقر بعد ان وافق البنك الدولي ان يستثمر ويدير الاموال والعائدات النفطية لصالح اهل البلاد.
اما في غينيا الاستوائية فقد قامت اكسون موبيل بالتفاوض بالنيابة عن الدعم الامريكي الرسمي في حين ابقت اسم الشركة في طي الكتمان..

المثير للاهتمام هنا هو ان شركة اكسون موبيل تترفع عن المساعدات الحكومية وتقول بانها غير مهتمة بمصدر للطاقة يتطلب دعم حكومي عام.
ومع ذلك .. فقد طلبت الشركة مساعدة الحكومة في السابق وهي تطلبها متى ما تجد نفسها في مأزق حرج ..

من كل ما تقدم .. من يستطيع ان يلوم اكسون موبيل ان فعلت الاهوال في العراق ام لم تفعل فهي في النهاية شركة نفطية لا يهمها غير موازين الربح والخسارة حتى لو كان ذلك على حساب انتهاء الوفاق السياسي في العراق وانتهاء العملية السياسية بين كتله المختلفة


ونعود ونقول ان المشكلة الاساسية ليست في اكسون موبيل بل فينا نحن



ولولا اكسون موبيل هذه .. لجاءت اي شركة اخرى ووقعت تلك العقود الذهبية القاتلة مع حكومة اقليم كردستان ولبدا الصراع والازمة التي نشهدها اليوم والتي تمثل تلك العقود احدى اعمدتها ..



ولكن .. هل كانت اي شركة نفطية اخرى ستصمد امام مهب الرياح العاصفة التي فتحت ابوابها مثلما فعلت اكسون موبيل؟



ما الذي يجعلها مختلفة عن الاخريات ؟



المختلف في اكسون موبيل انها اكبر من ان لا تدعمها المؤسسة الامريكية برمتها .. السياسية والاقتصادية، فهي قوة اقتصادية عملاقة، تسيطر على مراكز القوة واللوبيات في الولايات المتحدة الاميركية



لقد صدق السيد برهم صالح نائب الأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني عندما قال بان الشركات الكبيرة  امثال اكسون موبيل وتوتال وغيرهما لاتتراجع عن عقودها ولاتخضع للتهديد ، وصدق ايضا عندما قال باَن هذه الشركات تعمل في اقليم  كردستان وأن مهمتها تطوير اقتصاد العراق واظنه يقصد اقتصاد كردستان فالفرق بين الاثنين كبير ..


ونفى صالح تجميد عقود شركة اكسون موبيل الاميركية مع الاقليم وقال في تصريح صحفي إن شركة اكسون موبيل مازالت تعمل في الاقليم ..



كلمة اخيرة



عندما نصبح كالبنيان المرصوص يشد ازر بعضنا البعض .. عندها فقط ستقوم قائمة للعراق .. والا فان الدار ليست مأمونة بابوب مخلوعة وشبابيك محطمة ..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق