الأحد، 17 يونيو 2012




هذا إلك وهذا إلي
والسفينة تغرق امام اعيننا ..

ميادة العسكري

كنت اقلب في صور كتاب مذكرات بول بريمر في العراق عندما طالعتني صورة مجلس الحكم في اول ايامه .. حيث كتب بريمر تحت الصورة متباهيا كطاووس منفوش "هذا هو اليوم الذي اتفقنا فيه بشأن المجلس"
فهل كان ذلك المجلس الذي لم يحكم السيطرة على العراق بانجاز مثلاً؟؟
بكل تأكيد لم يكن انجازا بل كان لغم وضع بقصد او بدون قصد لينفجر في تالي ايام العملية السياسية في العراق ..
فالحكم الديموقراطي لا يعني ان نشترك جميعا في حكم البلد أبدا
الحكم الديموقراطي معناه انتخابات من اجل فوز مجموعة بعينها ووجود برلمان يعدل مسار المجموعة ان تعثر اداؤها
اما ان يختلط الحابل والنابل وتصير عندنا حكومة من كل قطر اغنية فهذا امر لا علاقة للديموقراطية فيه ابدا ..
**
ولنعود بالذاكرة الى ايام (اللولو) عندما طاح الصنم في فردوس العلوية ..فعلا كانت ايام لولو وماس وذهب ومرجان .. ايام ولا احلى ولا اجمل .. فالكل كان ينتظر شمس العيد التي ستشرق حسب كلمات المطربة صباح على يوم جديد .. ودرب اللولو الذي يفضي الى ان نعيش جميعا عيشة سعيدة وينتهي الظلم ووتنتهي الظليمة في العراق .. الا ان اي من ذلك لم يحدث ..
**
لا اتذكر اسم الكاتب الذي قال ان الشعوب التي تتحرر تحتفل في الشارع بطقوس وطنية وحث اكبر على العمل والانتاج .. اما نحن العراقيين .. فقد انقسمنا الى قسمين .. قسم راح مهرولا الى الائمة الاطهار في مشاهد للطم والدماء .. والقسم الاخر ركض نحو سرقة ما ترك من قبل النظام الصدامي الاغبر من سلاح واموال وجدت في هياكل الدور المتروكة وفي مصارف الرافدين المنتشرة في بغداد وغيرها
ومن منكم لم يسمع بالقصص العجاب عن هذا الذي لم يسبق ان ير بعمره ورقة دولار .. واتجه نحو المنطقة الحرة في الازرق الاردنية وطلب من صاحب المعرض سيارة اعجبته وعندما سأل عن الثمن قال له صاحب المعرض بان السيارة ب 13 الف دولار فما كان من الرجل الا ان يخرج من كيس الجنفاص الذي يحمله كالحطب على عاتقه 130 الفا من الدولارات ظنا منه بان كل عشرة الاف دولار هي الف فقط لا غير
ومن منكم لم يسمع عن بعض الاخوة العرب الذين شاركوا اخوتهم العراقيين في نهب المصارف وتم الامساك بهم في الجانب الاردني من الحدود وسؤال كبير موجه اليهم مفاده من اين لك ب 600 الف دولار يا بيه؟؟؟

**
تحول العراق الى حرائق لابنية هي ملكنا جميعا .. فحتى لو كنا جميعا بربطة المعلم نكره صدام لحد العظم .. لماذا نحرق ابنية تعود ملكيتها الى شعب العراق؟؟
**
اما انا فقد تيقنت من ان العراق يسير باتجاه سيء للغاية عندما قرأت تقرير ليس عراقي .. تقرير امريكي لا حاجة للامريكي الذي كتبه ان يكذب فيه وهو يصف احد ابناء العوائل البغدادية المعروفة والذي كان على راس وزارة من الوزارات .. بانه قطاع طريق من الطراز الاول
والمقصود هنا احد العراقيين الذين تربوا في بيت ميسور الحال ..  .. هذا الشخص لم يكن بحاجة الى ان يمد يده لا بحلال ولا بحرام فهو قد تربى على يد ام فاضلة واب افضل ..لذا ادهشني التقرير وما كان ينبغي ان يدهشني .. فالنفس لا علاقة لها بكيف واين تربت .. بل ما وصلت اليه .. ويبدو ان هذا الشخص قد وصل الى مواصل الشر الذي دفعه لان ينسى اهله وعراقيته وضميره .. وقبلهم جميعا دينه ..
فان كان ابن هذا البيت الذي تأسس على العلم والتقوى وخدمة البشر ينحو الى هذا المنحى فلم نلوم الاخرين؟
الكل في سفينة الجرذان هذه سواسية على ما يبدو وانا لله وانا اليه راجعون ..
**
ويقال ان المال السائب يعلم على الحرام .. الا ان المعادلة في العراق انقلبت راس على عقب فبات الحرام هو الذي يؤسس للمال السائب .. فكيف لاي كان ان يفسر لنا ميزانية مقدارها 117 مليار دولار بدون اعادة اعمار .. بدون اعمار وبدون حتى خطة للاعمار اي كانت ؟
كيف نفسر مدن الصفيح في جنوب العراق المظلوم في كل اوقات العراق والوانه قبل وبعد سقوط النظام البعثي .. مع ميزانية مقدارها 117 مليار ..
وهل العراق يسير وفق نهج اقتصاديات السوق ام نظام اشتراكي من نوع خاص وغريب جدا ..
**
ما الحل؟
بصراحة على هذا الحال لا حل على الاطلاق ..
فاي سفينة يكثر ملاحيها تغرق
واي طبخة يكثر طباخيها تخرب ..
وقد كثر الطباخين في العراق حتى باتوا اكثر عددا من الذين يُطبخ لهم ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق