الجمعة، 29 يونيو 2012



لقاء مع الدكتور علي الدباغ
 العراق قوة متنفذة

اجرت اللقاء : ميادة العسكري


س: كيف بدات الخلافات مع مسعود البرزاني وهل كان توقيتها له علاقة بهروب طارق الهاشمي ؟

الخلافات اساسها إختلاف في تفسير عقود النفط والعقد مع إكسون موبيل، ولا شك ان هناك ملفات أخرى تمثل خلافات قائمة بين المركز والاقليم، ولكن تم ادارتها بطريقة تحفظ الشراكة، لكن الخلاف تفجر بصورة ليست مسبوقة هذه المرة وأخذ أبعادا إعلامية وتراشق واتهامات عبر الاعلام وجاءت قضية السيد الهاشمي لتعكس عمق الخلاف بين المركز والاقليم، ويتم توظيف قضية السيد الهاشمي لإذكاء الخلاف أكثر. نحن نراهن على حكمة القادة في كردستان وبغداد لتجاوز هذه الأزمة لأنها لن تخدم أي طرف في الحكومة.

 لاشك أن عقود النفط تمثل تهديدا كبيراً لإدارة الدولة ومن غير المقبول أن ينفرد الإقليم بالتوقيع على عقود نفط دون علم وموافقة الحكومة الاتحادية، ولا يمكن اعتبار العقود مكتملة بشكلها القانوني والشرعي بغياب موافقة ومصادقة وزارة النفط الاتحادية وتتعرض الشركات التي تبرم عقوداً مع الاقليم لإجراءات إتحادية كالتي تعرضت لها إكسون موبيل.

س: برايكم اين يتجه العراق اليوم كحكومة؟ وهل ستؤدي هذه الازمة الى نتائج خطيرة على صعيد وحدة وسلامة واستقرار العراق؟


الجميع يدرك بأن هذه الأزمة هي الأكبر التي واجهت الوضع السياسي وهي تعكس عمق الخلاف بين الشركاء السياسيين، وايضا تعكس ملفات تم تأجيلها ولم يتم حلها عند تشكيل الحكومة وتفجرت مرة واحدة مع اتهام السيد طارق الهاشمي بضلوعه بتهم ارهاب، هناك الكثير من القضايا التي تأخذها الحكومة على السلطة التشريعية في طريقة تشريعها للقوانين إبتداءاً فمثلاً تقرر عن الحكومة تخصيصات مالية ليس لها تبويب أو موارد في موازنة الدولة، وكذلك فان الشركاء السياسيين يطالبون ببنود لم يتم تطبيقها، هناك خلل في بناء النظام السياسي بهذه الطريقة التوافقية التي تُنتج أزمات متلاحقة، ولم يتم لحد الآن تعريف معادلة الحكم والقبول بها، هناك ممانعة لنظام ديمقراطي حر، البعض يريده مكبلاً بتوافقات تشوه قيمة الديمقراطية فيه وتبدله لمحاصصات ومقاسمات حزبية وتراض بين كتل سياسية يغيب عنها المواطن غير المنتمي لأحد الكتل الفاعلة في الوضع السياسي، وهذا لن يؤدي لبناء نظام سياسي وحكم رشيد ومالم تكون هناك مراجعة جريئة وشجاعة للقواعد التي بُني عليها هذا النظام فإننا سنعيش أزمات متلاحقة تنعكس على ضياع وهدر كبير للوقت والجهد والموارد.
هناك حالة إحباط كبيرة من تصرفات الشركاء السياسيين المشاركين في ادارة الدولة ويبدو الأمر وكأنه تقاسم غنائم ومصالح ومواقع سلطة وليست مسؤولية في بناء الدولة وتحمل



س:  كيف تفسرون وجود ميزانية سنوية هائلة بدون مشاريع اعادة اعمار حقيقية؟ وهل للاصطفافات السياسية وفساد بعض الاطراف الحكومية دور هنا؟

الموازنة السنوية مثقلة ببند الرواتب والجزء التشغيلي منها، بينما الجزء الاستثماري لايتعدى 30% لا يتم صرفه ويرجع جزء منه بسبب عدم القدرة على صرفه من المحافظات وبعض الوزارات، هناك مشكلة كبيرة في تخطيط وادارة الدولة، لا نزال بعيدين عن وجود رؤية اقتصادية واعادة لهيكلة اقتصاد الدولة المنهار، أيضا هناك عدم كفاءة وقدرة واضحة لاتستطيع أن تخطط وتدير الموارد بصورة كفوءة، حيث ان التقسيمات الحزبية تجئ باشخاص لا يملكون القدرات الكافية من الناحية الفنية والادارية. طبعاً هناك تحديات أمنية يمر بها البلد تضغط على الجميع وتبطئ الإعمار بقدر ما، ولا يجوز أن تكون شماعة يُنسب لها عدم قدرات بعض وزارات ومؤسسات الدولة.


س: ما رايكم بطلب ممثل سماحة السيد علي سيستاني الحكومة العراقية بالتريث في السماح بحيازة السلاح بعد ان قام المجلس النيابي باقرار ذلك؟

هناك أسباب قوية دعت الجهات الأمنية لهذا التصريح بحيازة السلاح، وهو ان السلاح موجود وبكثرة ولم تستطع الدولة جمعه من يد المواطنين لحد الآن مما يشكل تهديدا للأمن، ويستدعي أن يتم حصره وتعريفه برخص حيازة وليست حمل سلاح تمهيداً لجمعه بعد أن يتم تعريف من لديه سلاح وإخضاع من يعثر عل سلاح غير مرخص في بيته للمسائلة القانونية.


س: شكلت وزارة التخطيط لجنة ثلاثية تتولى وضع ضوابط وآليات لتوزيع نسبة الـ25 بالمئة من الوفرة المالية من العائدات النفطية بين المواطنين وفقا لما جاء في قانون الموازنة العامة الاتحادية للسنة الجارية. هل تعتقدون ان ذلك سيحل المشاكل في العراق اليوم مع كل القصورات الموجودة في البنية التحتية والخدمات الاساسية التي يعاني من فقدانها المواطن العراقي؟

هناك أصوات تتعالى لتوزيعات نقدية للمواطنين من موارد النفط، وهذا منهج اقتصادي غير صحيححيث سيزيد من التضخم الذي يتضرر منه اقتصاد الدولة الغير متعافي، ويعود السبب في عدم قناعة الكثيرين بالاداء الحكومي الضعيف في المجال الخدمي وبطء النمو وهناك راي لم يتم اقراره لحد الآن بصورة نهائية هو لفكرة توزيعات نقدية ودراسة جدواها. هناك حاجة ملحة لإعادة النظر في هيكلة اقتصاد الدولة وتعظيم الموارد من القطاع السياحي والزراعي والصناعي، وتأهيل الكثير منها وهي واعدة بالتأكيد لكن تحتاج لرؤية علمية وتخطيط وادارة سليمة وهي غير متوفرة لحد الآن.


س: أكد وزير النقل هادي العامري استمرار الخلاف بين العراق والكويت بشأن ميناء مبارك الكويتي .وقال العامري إن "ميناء مبارك الكويتي ما يزال محط خلاف بين العراق والكويت فنحن نرى أن بناء هذا الميناء فيه ضرر على مصالح البلد بينما يرى الجانب الكويتي بانه لا يشكل اي ضرر على العراق لا سيما بعد الغائهم بناء المرحلة الرابعة منه وكاسر الامواج . اين وصل هذا الملف اليوم وما السبيل برايكم الى حله وخصوصا وانه يتعلق للعراق على الخليج العربي؟

حل المشاكل مع الكويت لا يكون عبر التصريحات الاعلامية، بل عبر لجان عمل، قطعنا خطوة جيدة نحو مقاربة المشاكل العالقة مع الكويت، ويشكل ميناء مبارك واحدة منها والعراق يرى بأن هذا الميناء المقام على أرض ومياه كويتية هو حق للكويت بشرط أن لاتتعرض مصالح العراق الملاحية والتجارية والبيئية للضرر، وهذا التزام كويتي يجب أن يكون فيصلا في تنفيذ المراحل المختلفة من هذا المشروع من عدمه، هذا الميناء يهدف للتجارة مع العراق وانشاء طريق حرير جديد مع اوربا وهذا لايمكن تحقيقه بالطريقة التي يدير الكويتيون معالجة تبعات إنشائه مع العراق، فالعراق يمكن أن يخنق أهمية هذا الميناء بسهولة إذا تضررت مصالحه، ومن مصلحة الكويتيين أن يكون الميناء الكويتي بتوافق مع العراق ومصالحه لكي يشكل تكاملاً في علاقات البلدين المستقبلية وهي قابلة للتطور.

الخط الملاحي المار في المياه الكويتية لميناء أم قصر العراقي هو خط ملاحة مشترك نص عليه قرار الأمم المتحدة ولا نقبل أن تكون هناك إعاقة لمرور آمن وسهل لملاحتنا عبره.


س: الى اين وصلت الازمة ما بين تركيا والحكومة المركزية في العراق؟ هل لكم ان تحدثونا قليلا عن هذا الملف وتداعياته على العراق امنيا واقتصاديا؟

لاشك ان التداعيات الاقتصادية سيكون لها الأثر الأكبر في العلاقة مع تركيا، نحن لا نتمنى ذلك ورؤيتنا أن تكون العلاقات مستقرة ومتطورة مع تركيا ومع بقية دول المنطقة كنظرة تنسجم مع النظام الجديد في العراق والذي يرى بان العلاقات الاقتصادية تشكل مصدر قوة وضامنة لعلاقة سياسية أفضل وأقوى حيث تتشابك المصالح الاقتصادية على المستوى الحكومي وعلى مستوى القطاع الخاص، لكن تصريحات السيد أردوغان كانت خارج السياق المعهود في العلاقات بين الدول ومثار إستغراب للجميع، وهذا لا يخدم العلاقة بين البلدين، وقد تصرفنا بصورة حريصة على العلاقة لكن تبقى ثوابت اساسية وهي ان التدخل في قضية داخلية أو شؤون خاصة بالعراق مرفوض تماماً وفي نفس الوقت فإنه يفتح الباب ويعطي ذات الحق للآخرين في التدخل بشؤون تركية وهي ليست قليلة، لكننا نحرص على التصرف بثوابت نريد من الآخرين ان يبادلونا التعامل معها، لاشك ان العراق ساعد تركيا كثيرا ضمن امكاناته المتاحة وبالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية في مكافحة نشاط حزب العمال الكردستاني وإعتبرناها منظمة ارهابية تهدد أمن مناطقنا الحدودية وتهدد علاقاتنا مع الجارة تركيا، لكن سلوك المسؤولين الأتراك إذا استمر بهذا الشكل فأنه سيخلق حواجز ليست قليلة ستبطئ التعاون في هذا المجال.

نتمنى أن تتجنب تركيا ايضا أن تكون مدافعة أو محامية عن جزء من العراقيين لأن هذا منهج خطير سيفتح أبواباً في المنطقة خطيرة.


س: أعلنت وزارة النفط العراقية، أن العراق أصبح ثاني أكبر مصدر للنفط الخام في منظمة أوبك بعد تفوقه على إيران التي انخفضت صادراتها النفطية بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من جانب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وفي تصريح لوزير النفط عبد الكريم لعيبي يقول أن العراق "بدأ يستعيد مكانه الطبيعي في المنظمة. وهناك ايضا من يكتب ويقول ان العراق ينتج نفطا اكثر من المصرح به. اي الامرين اقرب للواقع واصدق؟


العراق تجاوز انتاجه حاجز3 مليون برميل يومياً وهو رقم تعلنه الوزارة ومن مصلحة الوزارة ان تعلن الرقم الحقيقي لأنه إنجاز لها تريد ان تعلنه في زيادة الانتاج وليس من سياستها اعطاء ارقام أقل من الحقيقية، خصوصا انه لا توجد علينا حصص (كوتا) مقررة من أوبك لحد الآن لأننا لا نزال نصدر اقل من حصصنا السابقة. العراق يتجه لأن يكون قوة اقتصادية مهمة في المنطقة، ومجهز رئيسي لسوق الطاقة في العالم خصوصاً للاسواق المتنامية الطلب على النفط مثل الصين واليابان وكوريا والهند حيث يقف العراق في موقع متميز لتجهيز العالم بالطلب المتنامي على النفط والغاز أيضا وكذلك للدول المجاورة للعراق ولمنطقة الشرق الأوسط للعقود القادمة خصوصاً وان العراق يتجه لتصدير 5 مليون برميل بالحد الأدنى في السنوات القليلة القادمة (3-5 سنوات) كمرحلة أولى لقدرات انتاج وتصدير أكبر تقررها الجدوى الاقتصادية لمستويات إنتاج أكبر وقابلية السوق والحصص المقررة من منظمة أوبك، حيث لا ينوي العراق خرق قواعد هذه المنظمة ما دامت تأخذ بنظر الاعتبار حاجة العراق للموارد المالية وغيابه الطويل عن الاستمتاع بحصته المقررة من أوبك،
وهذه القوة الاقتصادية مؤهلة لان تلعب دوراً محورياً في المنطقة والعالم في إستقرار سوق الطاقة وطمأنة المستهلكين من مصدر ثابت وموثوق لتجهيز الطاقة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق