الجمعة، 16 مارس 2012

حرب الورق .. بين الحرب المضادة ونظريات الخيال العلمي


ميادة العسكري

الدكتورة حميدة سميسم .. يتذكرها طلاب الاعلام في جامعة بغداد واتذكرها انا بود كبير .. على الرغم من اختلاف وجهات النظر .. والاتجاهات .. وكله .. الا ان  السيدة الجليلة علمتني الكثير عبر محاضرات الاعلام والاعلام المضاد التي استمعت اليها في دورات احدى المنظمات العربية العاملة في العراق .. 

حميدة سميسم .. لو كانت بنفس نشاط الامس لاستحقت ان تكون عميدة كلية الاعلام .. ولاستحقت ان تكون وزيرة للثقافة .. فلا احلى ولا اجمل من طريقتها في شرح المواضيع الصعبة .. ولا اجمل من اسلوبها في الاقتراب من شرح الصورة السياسية امامها .. وامامنا بكل ابعادها ..

**
الحرب المضادة موضوع شيق تخصصت فيه الدكتورة وابدعت .. له علاقة بعوالم المخابرات المغطاة بالف برقع وعباءة .. حيث التشويق ينبع من سرية الحدث .. وحيث الادرينالين يبلغ الحناجر ويجعل القلب يدق طبول افريقية

**
وهذا ما شعرت به عند قراءة مقال تحذيري للشعب العراقي لمرحلة ما بعد الانسحاب الامريكي 
سذاجة الفحوى ..والمنطق البعثي في طرح الافكار يذكرنا بايام (احنا مشينا للحرب) ودائرة التوجيه المعنوي ودوائر الاشاعات البعثية ..
يقول كاتب مقال منشور في موقع عراقي مهم للغاية لا ينشر الا المقالات الموضوعية :

"عليكم الإستعداد الى التغيير، والذي ربما سيكون مفاجئا أو ناعما، والذي سينقل العراق من أتجاه الى آخر، وهذا سيُحتم رحيل وجوه وأستقدام وجوه أخرى، فعلى الشعب العراقي الأنتباه لكي يتحزّم هذه المرة بحزام قوي لكي لا تُفرض عليه أسماء الوجبه الثانية من الذين تدربوا في"البنتاغون، والسي أي أيه" عام 2002 وعام 2003 والذين وزعتهم واشنطن وطيلة السنوات الماضية في عواصم عربية وأجنبية ،وهم ينتظرون أشارة أستقدامهم نحو بغداد ليُبدلوا الوجبة التي أحترقت وأنتهى مفعولها ، والتي ستذهب للقضاء والمسائلة، والقسم الآخر سيُسهل الأميركان هروبها نحو الخارج ،ولأنها كانت شريكة للأميركيين والإسرائيليين ولأطراف مافيوية وعالمية في عملية النهب والسلب والتجاوز على الأنسان العراقي."

اي سذاجة في الطرح، وكأننا نعيش تداعيات نهاية حرب فيتنام والانسحاب الامريكي من هناك.. واي زروع تزرعها وكالة الاستخبارات المركزية .. واي قضاء واي مساءلة ؟؟ الا يدرك الكاتب ومن يفكر مثله بان زمن العمليات السرية قد ولى .. وان المحادثات تجري بين اطراف متناقضة بصورة مباشرة (طلبان والامريكان، ايران والامريكان، ايران والقاعدة.. مفاوضات بين الاسود والابيض والرمادي والاحمر .. من كل حدب وصوب) فعالم اليوم هو عالم رفع الحواجز ورفع العتب ورفع الكلفة ..
اما نكتة الموسم .. فما قاله الكاتب عن ضرورة تحزم الشعب العراقي بحزام قوي؟
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: اي شعب عراقي؟ شعب عراق كردستان ام شعب عراق البصرة او العمارة او النجف او كربلاء .. نحن فدراليات متجمعة تحت راية دولة صغيرة عمرا .. بدأت تاسيسها الفعلي في 1/1/2012 .. اما قبل هذا الموعد فكل ما حصل لدينا كان محض (بروفا، على كولة المصريين) او تمرين بسيط لما سيكون ..

**

ما بين قوسين على ذمة كاتب المقال .. اورده هنا كاملا قبل التعليق عليه .. ربما نصل الى نتيجة ..

(هناك أنقسامات خطيرة داخل البنية التحتية للنظام السياسي في العراق، ففي داخل البرلمان العراقي هناك حكومات وتشكيلات تعمل بالضد من بعضها البعض)
نعم كل برلمانات العالم الديموقراطي تتكون فيها  كتل ومجموعات من قوى متصادمة، يصل بها الحد الى الضرب والشتيمة كما سبق وان رأينا في البرلمان الياباني والهندي .. اما مجلس الشيوخ الامريكي فتصل النقاشات فيه الى حز الرقبة ... لان وجود البرلمان قائم على هذا الاساس
رحم الله الملك فيصل الاول عندما كان يطلب من البرلمان ان يتكتل ضد بعض لغرض الضغط على الانكليز باتجاه معين .. عبر سياسته المعروفة ب (خذ وطالب) ..

ويسترسل الكاتب قائلا:
(هناك جماعات برلمانية قطعت شوطا كبيرا في مواضيع كانت محرمة أصلا، وأهمها العمل لصالح تأسيس ولايات وأقاليم ومشيخات ،ولقد أرسلت مبعوثين سريين الى دول معينة " عربية وإقليمية" والى منظمات دولية لغرض الدعمّ)

واقول: تشكل العراق في عصور ما قبل التاريخ عبر ما يعرف بدويلات المدن التي اتحدت فدراليا تحت حكم اورنمو او احد اولاده، لا ادري على وجه الدقة. ولعل مصطلح دويلات المدن اكبر دليل على ان العراق يمكن ان ينوجد كعراق تحت اي شرط او مسمى..
الطوائف، والاعراق، والمجموعات، وحتى الاديان، في العراق كانت تعيش في قدر مضغوط لمدة 35 سنة .. رفع عنه الغطاء فجأة ومن دون سابق انذار او تبريد للقدر ومحتوياته .. فكيف لنا ان نلوم او ان نستغرب ما يحصل اليوم في العراق؟
وضعنا صدام وحزبه على سكة الموت 35 عاما وازاحه الله عنا هكذا .. كالسحر .. كالحلم المتحقق وكالاماني ..
واسقطه الامريكان .. وفجأة .. صارت عندنا ديموقراطية .. واصبنا بشيء من الجنون .."عمي شوية ويانة" 

هل تعلمنا الدرس؟
لا اظن اننا تعلمنا الا بعض الامور ..
- تعلمنا ان الاحتلال واحد لا يتجزأ .. سواء جاء من شرق او غرب
- وتعلمنا ان الفساد ايضا لا يتجزأ سواء كان فساد صدامي او ما بعد صدام
- تعلمنا ان فترة حكم صدام قد نقشت الفساد في نفوس كثيرة، اسقطت على فترة ما بعد سقوط النظام البعثي
- تعلمنا ان المفاوضات والكلام اكثر وقعا وتاثيرا من الحروب وباننا عندما نهدد بالقوة ينفض الناس من حولنا
- وتعلمنا ان الكاتم اقوى من جيوش الاحتلال
- وتعلمنا ان العراقي لا يحكم لا من شرق ولا من غرب .. وقد يحكم وبصعوبة كبيرة من قبل اهل البلد انفسهم ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق