الأحد، 18 مارس 2012


وصايا الذبيح ..

ميادة العسكري


'وصايا الذبيح التقي والشيطان في رسائل صدام حسين'، عنوان استوقفني واستفزني فعلا .. وجعلني اتذكر هذه الكلمات : "ضربني وبكى .. سبقني واشتكى .."
فإذا كان صدام ذبيحا .. فما الشعب العراقي اذن ؟ كائن هلامي مقطوع الراس بالفطرة ؟؟؟

***
مشكلة اخواننا العرب .. كمشكلة شعوب كثيرة مع حكامهم الذين لا يرى العالم الخارجي الا انجازاتهم عبر وسائل الاعلام المختلفة، بينما الحقيقة تكمن تحت اغطية ودهاليز الوضع الداخلي

***
في وقت من الاوقات، كانت الامة العربية تسير خلف زعيم عربي لن اذكر اسمه لكي لا اتلقى رسائل ما انزل الله بها من سلطان من انصاره ومدراء مكاتبه ووزرائه ...الخ
هذا الزعيم اعدم واحد من اكبر الدعاة والمفكرين الاسلاميين في بلاده ..
وهذا الزعيم هو اول من فتح الباب امام  قرار الامم المتحدة رقم 242 الذي جاء لنا بالتطبيع مع اسرائيل
وهو اول من ارسل جيش عربي الى بلد عربي آخر لنصرة فلان ضد علان واستنزف الحرث والنسل كالمعتاد
وهو اول من دعى الى الثورة الانفجارية في السكان، وها هي بلاده ترزح تحت ثقل الناس الذين باتوا يسكنون حتى في المقابر ..
الا انه بالنسبة للعرب .. الزعيم الاوحد .. على الرغم من سلبيات عصره في الداخل التي استمرت بسبب سياساته لحد يومنا هذا

****
اما نحن العراقيين، فيجب علينا ان نتحمل عناوين كتب تسمي دكتاتور العراق "الذبيح" .. وهو الذي ذبح اهله قبل اقاربه واقاربه قبل جيرانه وجيرانه قبل الشعب من الوريد الى الوريد ..

****
ونحمد الله مع كل نفس  نستنشقه في ان السلطات المعنية في احدى الدول العربية منعت توزيع الكتاب لديها .. وقد استاء الكاتب وقال في بيان له: " ان مبررات منع الكتاب التي استند اليها مدير المطبوعات تذهب الى كونه يعتقد بأنه يسيىء الى ..... والى علاقاته بدول عربية شقيقة، واصفا تلك المبررات بأنها لا ترقى الى تلك الاجراءات نفسها، خاصة وان ما ورد فيه من مضامين انما يتم تداولها في العديد من الكتب التي سمحت المطبوعات سابقا بتوزيعها في ....... وهي متداوله في المكتبات الا........، مما يثير التساؤلات عن الاسباب الحقيقية التي تدفع دائرة المطبوعات لمنع الكتاب، وفيما اذا كان موضوع الكتاب نفسه يثير قلق المطبوعات اكثر مما تثيره موضوعات الكتب الاخرى التي سمحت بتوزيعها، وفقا لما جاء في بيانه.

***
حقيقة، حيا الله الاخوة في ذلك البلد العربي الشقيق على موقفهم هذا في دفع الاساءة عن مشاعر العراقيين ..
وهنا لا بد ان استدرك ..
الحال في العراق اليوم ليس بحال يسر الناس
الفجوات كثيرة
الخدمات ناقصة ان لم نقل مفقودة
بعض مفاصل الحكومة يمكن بسهولة ان تجّرم وتسمى باسماء مختلفة من علي بابا والمدري كم حرامي الى قطاع الطريق ..الخ ..

الا ان المواطن الاعتيادي البسيط لن يقارن سوء اليوم بفلم رعب الامس .. فقبل عام 2003، كنا جميعا نعيش في اكبر فلم رعب في تاريخ السينما الحديثة .. وكان صاحب المنشار هو الحاكم بامره ..
وما سوء اليوم .. معظمه ان لم نقل كله الا بعض تداعيات الامس، ونتيجة للعربة التي وضعها من يحب اخواننا العرب ان يسموه بالذبيح ..

****
قبل فترة استفاقت الحبيبة بغداد على منع لتجوال المركبات وقطعت طرق الدخول اليها والخروج منها .. كما منعت الحركة على الجسور ..
لن ادخل في التفاصيل التي ادت الى ذلك .. كل ما يمكن ان نقوله ان وزير الداخلية لعب دور كبير في وضع الاستحكامات التي ادت الى منع كارثة من عيار يشبه زلزال هايتي الاخير ..الله ستر ولطف بحالنا جميعا ..
وبطبيعة الحال ولاننا بلد (ابو الفزة) ..تصور الجميع بان هناك مؤامرة او انقلاب .. وهذا هراء .. فاي انقلاب يمكن ان يتم بتحرك فرقة واحدة من الجيش ، حتى لو كانت بدون علم رئيس الحكومة..
الذي اعجبني في الامر كله هو ان الناس كانت على حافة اعصابها من امكانية عودة حزب (الذبيح) كما يسميه الكاتب العربي ..حزب البعث ..
في نظري، كان هذا هو اول سقوط رسمي لصدام وحزبه ..
فبعد كل هذه السنوات العجاف .. لاقى فيها الناس الأمرين، لم نرهم يهللون لمجرد فكرة ان يكون هناك انقلاب في بغداد ..
والسبب واضح ..
اذ لا احد يحب من يذبحه في الليل والنهار .. وقد استحق شعبنا لقب الذبيح عن جدارة من غير منازع .

هناك تعليق واحد: