الخميس، 12 أبريل 2012






مدري همّ ... مدري احنا
ميادة العسكري

قال احد الشعراء
انا المواطن س
ابن المواطن ج
امي فاطمة الدمعة الحزينة
أقر واعترف امام الملأ وأهل القرار
أنا المظلوم وانتو الظالمينة
وأريد أسال بس سؤال عن ضمير
العالم المشلول وينه
بعده نايم
ما صحى من نومته
محد فززه وكَلة انسبينة
مو ابويا مات واخويا مات
استشهدوا من اجل وطنهم
ومايه وطينة
واحد استشهد على السواتر
في حرب ما عرفنا من بداها
مدري همّ
مدري احنا
المهم دارت بس علينا
وواحد استشهد طائفيا
مدري شيعي
مدري سني
يعني ميّت على الهوية
من أجل مذهبة ودينه..
**
هذه المقارنة الصغيرة بين السواتر وبين الهوية من حيث يدري الشاعر الشعبي ويقصد او لا يقصد جعلتني افكر .. ما اشبه اليوم بالامس يا ربع ..
ما اشبه طعم الخوف وعدم الامان في كل الازمان وما اشبه القلق على من تحب في ارض يزرعها حكامها تيزابا ومصائد لتحصد فلذات الاكباد وقرة الاعين ..
وما اشبه اسوار مدن اليوم بجدران الامن العامة ومخابرات صدام
وما الفرق بين سجون اليوم .. العلنية والسرية التي "يتعثر" ويتفاجأ بوجودها ولاة الامر المسؤولين وسجون الامس، وما الفرق بين عقلية جلاد اليوم وعقلية جلاد الامس..
لم اكتب عن هذا الامر يوما .. ولكن في اليوم الذي سقط فيه نظام البعث عام 2003، نقلت الفضائيات لقطات لعدد من الساسة العراقيين الجدد، وكان احدهم ولا اريد ذكر اسمه محاطا بحمايته .. تفاجأت بحمايته، فاحدهم كان رجل مخابرات يأتي الى المركز الصحفي في وزارة الاعلام ..اوقفت كادر التلفزيون ورحت انظر الى هذا الشخص.. وتاكدت من ان الشبه بين الشخصين يكاد ان يكون متطابقا
وعلى نسق كلام الشاعر الشعبي
(مدري هوّ.. مدري عيني اللي تغوش
المهم دارت الدنيا علينا
واستوينا على هضم وقهرنا منا وبينا ..)
بعدها بسنوات التقيت باحد القياديين في هذه المجموعة بالذات وسألته .. ما الذي اتي بفلان معكم
بطبيعة الحال لم يجبني ولكنه اكد لي ان الشخص نفسه ..
الم اقل لكم .. ان الامس هو نفسه اليوم باقنعة اخرى
**
بين الاعوام 1968-1987 كان نظام البعث محبوب امريكا حتى مع انقطاع العلاقات الدبلوماسية وكل الخلافات الظاهرة على السطح
وفي بداية ثمانينات القرن الماضي كان بين راس الحكومة العراقية والادارة الامريكية والحكومة البريطانية غزل وعلاقة حب من العيار الثقيل ..
وانتهت العلاقة وسقط النظام عام 1991 وبقي معلق بين الحياة والموت ونحن معه لمدة 13 عاما..واللي تحمل اسم اعوام الحصار
ثم جاء الاخوة الاعداء مع بريمر وكانو حبايب مع الاميركان .. وحبايب من العيار الثقيل جدا .. وانتهت العلاقة تماما عندما قامت القوات الامريكية بمداهمة مقار احدى الاحزاب التي لولاها لما دخل الامريكان الى العراق .. وصار عراب الاحتلال الامريكي شخص مكروه من قبلهم
**
المشكلة ان لا احد يفكر في سياسات الدول الاخرى التي تختلف كليا من مكان الى مكان..
لناخذ الولايات المتحدة الامريكية على سبيل المثال .. الاستراتيجية الموحدة لمواقف الديموقراطيين والجمهوريين تتعلق بالامن والسلامة الوطنية .. لذا فان اسرائيل مثلا ستكون دوما محفوظة برعاية الامريكان لانها جزء من الامن الوطني الامريكي ..
سائر المواضيع تتبع الادارات المختلفة ومن رئيس الى رئيس اخر .. فكل منهم سيضع بصمته وكل منهم مطلوب منه سقف من الانجازات لغرض اعادة الانتخاب ..
العراق لا يزال ضمن الاهتمام الامريكي.. ولكننا ما عدنا الاهتمام رقم واحد على الرغم من ابار البترول وكل الامور الاخرى ومن ضمنها قرب ايران منا ومشروع الدرع الصاروخي الذي انتهى بنهاية ولاية جورج بوش .. وما يعرفه اهل السياسة جيدا هو ان امريكا نفسها قصير بالنسبة لمن لا يعملون على استقرار دولهم –باستثناء اسرائيل – ولعل صحوات العراق اكبر دليل على طريقة التفكير الامريكية .. وما يحدث بين طالبان والامريكان في افغانستان مثال اخر .. وشاه ايران مثال مهم ايضا .. والامثلة لا تعد ولا تحصى ..
بالعراقي العمامي .. (من يتزوج امهم يصبح عمهم )
**
قوة الحاكم من التفاف شعبه حوله ..
قوة الحاكم في تطبيق الاقوال وترجمتها الى افعال .. قوة الحاكم المنتخب في تحويل شعاراته الانتخابية الى معامل ومزارع وكهرباء وماء ووطن يرفل اهله بالامن والاستقرار ..
**
وهنا تحضرني طرفة عن سياسي مات ..فاستقبله كائن في السماء وقال له ..لانك سياسي يمكنك ان تختار ما بين الجنة والنار فقال السياسي .. اختار الجنة .. فرد عليه المستقبل ولكن عليك ان تجرب الجنة والنار ومن بعدها تقوم بالاختيار ..
دخل السياسي في النار فوجد ساحة غولف خضراء جميلة ووجد اصدقاء وزملاء له توفوا منذ زمن ويلعبون الغولف في الساحة الخضراء ..وما ان رأوه حتى اتجهوا نحوه وراحوا يتبادلون الاخبار معه .. ثم لعبوا لعبتهم المفضلة وبعدها اتجهوا مع الشيطان –الذي كان لطيفا للغاية- نحو مطعم وتناولوا العشاء وسرعان ما حل الصباح وجاء المستقبل الذي اخذ السياسي ليجرب الجنة ..
في الجنة وجد الرجل اناس لا يعرفهم يرقدون فوق السحب وينتقلون من سحابة الى اخرى براحة كبيرة .. وهكذا مضى النهار وعاد المستقبل ليسأل السياسي .. اين تريد ان تذهب
قال السياسي الجنة مريحة وجميلة ولكن النار جميلة ايضا وفيها اصدقائي.. افضل ان اذهب الى النار ..
وهكذا كان
وعندما دخل النار وجدها ساحة كبيرة مقفرة .. مليئة بالازبال .. كل زملائه يرتدون حلل بالية متسخة ويحملون على ظهورهم اكياس لجمع النفايات .. وما ان يجمعون ما يمكن جمعه حتى تنفتح كوة وتلقى من خلالها نفايات اخرى ..
استدار الرجل للشيطان الذي تعرف عليه بالامس وقال .. ما هذا؟ كيف تغيرت الامور هكذا في يوم واحد
ضحك الشيطان وقال : انت سياسي وانت تعرف اللعبة احسن مني ..بالامس جئتنا خلال الحملة الانتخابية ، اما اليوم فقد انتهت الحملة وظهرت النتائج وعدنا للواقع ..
**
قال موقفك من الاحداث غير واضح … فيما مضى كانت كل كتاباتك ضد صدام، وبعدها صارت ضد الحكومة الحالية ..
قلت.. انا لست ضد شخص معين ولا مع شخص معين .. فالامر عندي حيث ينتهي الاخرين ويبدأ حق الوطن
صدام كان سيف ظالم .. لم ار ظلمه الحقيقي الا بعد ان جربت مرارة الامن العامة .. لم يلحقني هناك اذى حقيقي وقد كتبت ذلك مفصلا في كتاب عن تلك المرحلة .. الا ان ظلم الاخرين امامي هو الذي جرحني .. فقد وضعت في تلك الزنزانة لكي ارى جبروت الظلم والاذى الذي يمكن ان يلحق بانسان .. وما ان اطلق سراحي حتى رحت ابحث عن قارب نجاة يلقي بي وبطفليّ خارج العراق .. وهذا ما حصل ..
قبل فترة، اتصل بي ناشر عربي يريد نشر الكتاب باللغة العربية .. ولكني رفضت .. استغرب الرجل ، فقد كان العرض الذي قدمه كبيرا .. قلت له .. هذا الكتاب يحكي قصة ظلم ومأساة العراقيين في زمن ولى .. ترى الن يسألني اي عراقي يعيش ظلم وجور الحال في العراق اليوم عن كتاب اخر يقارن ما بين الحالين ..؟
قوات احتلال وحكومة لا تعرف ما يدور خارج جدران المنطقة الخضراء وسوء اداء وتفشي الرشوة وفساد يزكم الانوف ..حتى بات العراق في مقدمة الدول الفاسدة حول العالم ..
وازيدك من الشعر ابيات .. مقابر جماعية .. وتقطيع للاوصال بالمنشار واغتيالات وطائفية مقيتة أقذر من اقذر مستنقع في الوجود .. ونقصان في المدارس ومناهج مريبة وجامعات فاشلة ومياه شرب اسنة وكهرباء .. لندع الكهرباء جانبا لاننا من كثر تكرار الكلام عنها سنصاب بالغثيان .. وبعوض وقتلة يسمنون على دماء العراقيين..
 بالامس كان هناك امن عامة مجرمة واحدة ومخابرات واحدة .. اما اليوم فالاجرام الميليشياوي بات أعتى من جهاز حنين سيء الصيت ذاك .. وباتت المخابرات العاملة على ارض الوطن بعدد الوان الطيف الشمسي .. من الموساد الى المخابرات الايرانية والسورية وغيرها الكثير ..
سفارة دولة الاحتلال المؤقت عبارة عن قلعة وفيها هيئة اركان ..
بلاك ووتر تخرج من الباب ليدخل مكانها الف بلاك ووتر بثياب واسماء وجنسيات بديلة ..
منظمات ارهابية تقتل العراقيين باسم الدين وباسم المقاومة الشريفة والشرف بعيد عن "شوارب" الجميع ..
 بالامس مع ظلم الطاغية وجبروته واداته المخابراتية القاتلة وتعسفه واجرامه المستطير كان العراق دولة .. اليوم وبسبب سوء الادارة والفساد وتكرار القتل والاغتيالات والسجون والظيم والقهر الذي يعيشه المواطن صار العراق مضحكة ..فكيف ولا وثمن ما وصلنا اليه دفع بدماء الفقراء والمساكين و"المكاريد" من العراقيين
"المشتكى لرب العزة .. وعساها ببخت وصحة وعافية كلمن حكم العراق وظلم"  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق