السبت، 21 أبريل 2012

جمهورية الخوف
Republic of Fear
ميادة العسكري

سمير الخليل هو الاسم المستعار للكاتب كنعان مكية 

 أطلق على العراق في عهد الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين اسم «جمهورية الخوف»، فماذا تسمي جمهورية العراق اليوم؟ سؤال وجه الى الكاتب عدنان مكية .. رايت انه من المناسب جدا ان نستعيده بتفاصيله اليوم .. مع المشهد السياسي المتداخل والمعقد في العراق .. يقول مكية: العراق اليوم؟ بالتأكيد لا أسميه جمهورية الديمقراطية، فهذا آخر تعبير في الدنيا قد ينطبق عليه، وأبعد ما يكون عنه، لكنني أسميه جمهورية التشرذم والسرقة .. من جمهورية الخوف الى جمهورية التشرذم والسرقة .. مظلوم انت يا عراق ..
ويردف مكية بالاجابة عن سؤال اخر حيث يمتلك فيه الشجاعة لان يرد وعلى العلن بطريقة بعيدة عن التزلف السياسي والنفاق، فهو الذي لا يمكن ان يزايد على راسه احدا، وهو الذي الف كتاب عن البعث في اوج قوته وفي اوج امتداد ذراع البعث المخابراتية التي كانت تغتال الناس في منازلها الكائنة في عواصم الدنيا المختلفة .. حيث قال: (في طبعة جديدة للكتاب وباللغة الانجليزية ولم يظهر بالعربية، قلت إن جمهورية الخوف التي كتبت عنها قد ذهبت، انتهت، وفي التسعينات صارت المافيا هي التي تحكم العراق، بينما في الثمانينات ومع كل ممارسات النظام الشمولي فقد كانت هناك إدارة قوية، وكان الفساد المالي قليلا، والأمن قويا، والإنفاق على البناء والبنية التحتية كبيرا..) تصوروا، حتى خلال النظام الدموي كان هناك بناء وفساد مالي قليل .. والله اني لاشعر بالغثيان عندما اقارن اليوم بالامس.. فها نحن قد بنينا نظام بعناوين كبيرة ترتكز على مظلومية الفئة الفلانية والمقابر الجماعية ، ومظلومية كل العراقيين .. ماذا حدث؟ هل تم بناء الوطن ؟ هل نجحنا ؟؟ تسع سنوات، واين نحن الان؟ لا نزال للاسف دون نقطة الانطلاق .. اليوم كتب احدهم قائلا: ذهبت جمهورية الرعب المكشوف وجاءت جمهورية الرعب المغطى، حيث طلبة المدارس يحملون معهم المسدسات الى المدارس والكليات .. حيث الجار يخاف من جاره ..
***
يسترسل كنعان مكية قائلاً .. (لكنه (اي البعث) كنظام سياسي كان يقمع كل من يشعر بتهديد من جهته وقتذاك وفي المستقبل. «جمهورية الخوف» الذي صدر عام 1989 تجده كتابا متشائما عن الوضع العراقي، بينما ميثاق 1991 الذي خرج بعده بعامين تجده متفائلا، فما الذي تغير؟ هنا أنا تغيرت من كاتب إلى سياسي، ليس بمعنى أنني أبحث عن منصب سياسي، فأنا طوال عمري لم أبحث عن ذلك، لكن كناشط في حركة سياسية، مثل الحركات السياسية التي ظهرت في أوروبا الشرقية والتي أسقطت الاتحاد السوفياتي، وأنا أحترم هذا النمط من العمل السياسي، وأحترم أبطاله مثل نيلسون مانديلا، وآدم مشنك الذي أعرفه شخصيا حيث كان المفكر الرئيسي للحركة البولندية التي غيرت النظام، ثم أصبح عضوا في البرلمان ووزيرا، وجان كوفان من المعارضين التشيكوسلوفاك.. أنا كنت من هذا النمط من المعارضين، ودعمت المعارضة العراقية على أساس إمكانية أن تفعل ولو القليل للعراق. لكن في التسعينات كان هناك شباب عراقيون، أمثال مصطفى الكاظمي وغيره، قلت إن هؤلاء من الممكن أن يفعلوا شيئا من أجل العراق ويحدث شيء على غرار ما حدث في بلدان أوروبا الشرقية وجنوب أفريقيا، لكن عندما أقول يمكن فهذا يعني أنه ليس من اليقين أن يحدث. وفي مقابلة لقناة تلفزيونية أميركية سألني المقدم سؤالك ذاته، وقال أعطني نسبة مئوية عن احتمالية حدوث شيء ما باتجاه تحقيق الديمقراطية أو تحقيق وضع جديد في العراق، فقلت هذه ليست آمال وإنما أنا أؤمن بها، وهناك عشرات الآلاف من العراقيين يؤمنون بأنه سيتحقق شيء جديد في العراق، ولولا إيماننا بضرورة تحقيق ذلك فإن الأوضاع لن تتغير، وهذا يعني أن هناك فرصة لإحداث تغيير، فسألني عن نسبة هذه الفرصة في التغيير، فأجبت أنه حتى إذا كانت هناك نسبة 5% فأنا أتحمل مسؤولية تاريخية كعراقي أن أحاول تحقيق هذه النسبة رغم صغرها، وإذا سحبت نفسي من الحلبة باعتباري متشائما على أساس موضوعي وكوني أكاديميا وأن الظروف الموضوعية لا تساعد فسأقع في خطأ تاريخي وأنضم إلى الكثير من المثقفين العرب الذين سحبوا أنفسهم من الساحة السياسية لأن أنظمتهم فاشلة ومجتمعاتهم وثقافتهم في أزمة كبيرة. فأنا على أساس حتى الـ5% كنت سأفعل الشيء ذاته، وأقول لكل معارض إنه لو توافرت له هذه النسبة فعليه أن يحاول التغيير. طبعا أنا كبرت الآن ولم يتحقق شيء، وحتى هذه النسبة لم تتحقق.) والله حقك يا كنعان مكية، حتى لو كانت نسبة الامل 5% ، سنعمل من اجل تحقيقها ..لاننا لا نمتلك غير هذا الوطن وطنا، مهما اختلفت اوراق سفرنا ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق